الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد.

فهذا رد على كلام كتبه أحد الرافضة في قناتي على موقع يوتيوب، ورأيتُ أنه من المناسب أن أنشره هنا ليصل إلى عدد أكبر من الناس ممن يبحثون عن الحقيقة بصدق.

يقول الرافضي:

عمر ابن الخطاب يقول ل رسول قبل استشهاده اهجر ؟ وافي روايات اخرى يقول عن رسول الله لقد هجر ! يعني بداء يخرف ويمنع رسول الله من كتابة الوصية

------------------

فكتبت ردًا عليه أقول: 

سأفترض أنك صادق فيما تقول وسأرد عليك.
بالنسبة لما نسبته لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإليك جوابه:
أولا: يسعدني أن أخبرك أن السبب الذي تقول إنك تشيعت من أجله سببٌ غيرُ صحيح أصلا، فالروايات الصحيحة كلها ليس فيها أن سيدنا عمر رضي الله عنه هو الذي قال هذه الكلمة (أهجر؟!).
وتستطيع أن تبحث بنفسك، ولن تجد رواية واحدة صحيحة تقول إن عمر رضي الله عنه قال إن الرسول عليه الصلاة والسلام يهجر.

ثانيا: أسألك سؤالا واضحًا ومباشرًا، وأريد عليه جوابًا واضحًا ومباشرًا:
هل هذه الكلمة: (أهجر) قِيلت على سبيل الإخبار والتقرير أم كانت سؤالًا استنكاريًّا من صاحبه؟!
إن قلتَ إنها كانت سؤالًا استنكاريًّا من صاحبه فقد وافقتَ قولنا.

وإن قلتَ إنها قيلت على سبيل الإخبار من قائلها، فماذا تفعل كلمة: [استفهموه] التي وردت في نفس في الرواية؟!
اقرأ معي هذه الرواية:
روى البخاري في موضعين بلفظ: [ فَقَالُوا: مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ ]. صحيح البخاري برقم: 3168
فكلمة (أهجر) قيلت على سبيل السؤال والاستفهام، وليس على سبيل التقرير والتصديق.
وبناءً عليه أقول إن قائل هذه الكلمة لم يقصد بها الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم على الإطلاق.

ثالثا: الكلمة التي قالها سيدنا عمر رضي الله عنه هي: [ إن رسول الله غلبه الوجع ].

رابعا: عمر بن الخطاب لما قال هذه الكلمة: [ إن رسول الله غلبه الوجع ]، كانت منه إشفاقًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ووجعه وألمه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يوعك مثلما يوعك الرجلان لأن له أجرينِ:
فيقول عبد الله بن مسعود:
[ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ»]. صحيح البخاري برقم: 5647
فأي محب للرسول صلى الله عليه وسلم سيشفق عليه من رؤيته يتألم أمام عينيه، وهذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

خامسا: هل يعتقد الرافضة بأن دين الإسلام ناقص بعدم كتابة هذه الوصية؟!
إن كانوا يعتقدون بذلك؛ فقد كفروا بقوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }.
فالدينُ قد اكتمل بنص القرآن الكريم.

سادسا: ابن عباس نفسُه رضي الله عنهما يقول ويقرر أن دين الإسلام كامل ولم ينقص بعدم كتابة هذه الوصية.
فعن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: [كنا عند ابن عباس، فجاء رجلٌ فقال له: إن ناسًا يأتونا فيخبروننا أن عندكم شيئا لم يُبْدِهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للناس !!
فقال ابن عباس: ألم تعلم أن الله تعالى قال: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. والله ما وَرَّثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سوداءَ في بيضاء، وهذا إسناد جيد.
قال ابن كثير: [ وهذا إسناد جيد ]. تفسير ابن كثير (3/ 136)، ط دار الكتب العلمية - بيروت.

سابعا: عندي لك سؤال:
هل النبي صلى الله عليه وسلم خالف قولَه تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }؟
وهل حينما قال عمر: إن رسول الله غلبه الوجع ، سكت الرسول ولم يبلغ الكتاب الذي لن تضل الأمة مِنْ بعده ؟!
سؤال آخر:
أنت تعلم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
هل مَنْعُ عمر للنبي صلى الله عليه وسلم من كتابة هذا الكتاب حق أم باطل ؟!
فإن قلتَ إنه باطل فهل الرسولُ يرى الباطلَ أمامه ويسكت عنه ؟!
وإن قلت إنه حق فلماذا تنكر على عمر شيئا وأنت تعتقد أنه حق ؟! هل يجوز إنكار الحق على من قال به ؟!

**********************
والحمد لله رب العالمين ،،،،