طباعة
1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 (7 تقييمات)

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فهذا حوار دار بيني وبين أحد الإخوة يسأل عن القرآن الكريم وحفظه وطريقة نقله إلينا. 

فقال الأخ: في صدره وفي صدور الصحابة حتى تكونة لجنة في عهد عثمان فحرق كل القرآن إلا القرآن اللذي أجمعت عليه اللجنة من الصحابة وهناك من عارض من الصحابة آيضا والرواة أيضا فيهم نظرورش وحفص اختلافات كثيرة مثال..قُتِل ربيون أوقَاتَل ربيون..؟كثيرا أو كبيرا...؟ ذي الجلال،أو ذو الجلال.. وهناك المزيد...وووو....؟

هل قرأت القرآنين رواية حفص وورش واشرح لي ماذا وجدت ولماذا هناك اختلاف بين الروايتين؟؟رأيت أن حفص بن سليمان قد قال فيه أهل الحديث بما يُرد حديثه ... فكيف قبلوا قراءته ...؟؟؟

-------------------------

فرددت عليه قائلا: الصحف التي أحرقها عثمان رضي الله عنه ليست هي القرآن الكريم، وإنما كان فيها تعليقات بعض الصحابة على مصاحفهم كشرح أو تفسير بعض الكلمات ! والصحف الأصلية التي كُتِبَتْ بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم هي الصحف التي نسخوا منها المصاحف الستة، ثم أعادوها للسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. كما في رواية البخاري. ثم أمر الخليفة الراشد عثمان بن عفّان رضي الله عنه بسائر الصحف الأخرى فأحرقت. والرواة ثقات في نقل القرآن الكريم بإجماع المسلمين. والخلاف بين حفص وورش لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها هكذا وقرأها هكذا، وكل هذه القراءات وحيٌ من الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فالآية مكتوبة هكذا في المصحف الإمام: { وكأين من نبي قتل مع ربيون كثير }.

لكن بدون تشكيل أو تنقيط. لكي تحتمل القراءاتِ كلها، وستجد في رواية حفص في كلمة { قتل } أنه يوجد بعد حرف القاف حرف ألف صغير، ويسمى ألف الإلحاق. فالمصاحف التي كُتِبَتْ على رواية حفص عن عاصم ستجد أَلِفًا صغيرًا مضافًا بعد حرف القاف وقبل حرف التاء وسيكون التشكيل هكذا: { قَـتَـلَ }. والمصاحف التي كُتِبَتْ على رواية ورش ستجدها والتشكيل هكذا: { قُـتِـلَ }. فالرسم العثماني واحد في الحالتين ليحتمل القراءتين جميعًا، لأن القراءتين وحي من الله. والآن نأتي إلى المعنى: فلا شك أن القتال والقتل يختلفان عن بعضهما من حيث الدلالة والمعنى. مع أن أحدهما وهو القتال قد يُفْضِي إلى الآخر وهو القتل. وهنا في هذه الكلمة فعل الله عز وجل فِعْلًا عظيمًا، وهو أنه قد أخبرنا بالمعنيين في نفس الكلمة، بتنويع القراءات. فهذه الآية تمدح الربيين الذين آمنوا مع الأنبياء وثبتوا معهم في ميادين الجهاد والقتال. فقوله { قَاتَلَ }، يشمل كل من قاتل مع هؤلاء الأنبياء سواءً اسْتُشْهِدُوا وَقُتِلُوا أم لا، فالكل ممدوح بهذا اللفظ. وأما قوله { قُتِلَ } فهذه تختص بمن مات منهم شهيدًا في هذه المعارك. فيكون الله عز وجل أثنى على المُقَاتِلِين مرة، وعلى الشهداء مرتين. ولا شك أن الشهادة في سبيل الله كرامةٌ كبيرة لا تعدلها كرامةٌ أخرى. فاستحق أصحابها الثناء والمديح من رب العالمين جل جلاله لأنهم هم الذين جاهدوا بأنفسهم وأرواحهم في سبيل الله. والنفس هي أغلى ما يملكه الإنسان، فإذا قدمه في سبيل الله فإن الله يجعل صاحبها في أعلى الدرجات في الآخرة. كما قال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }. (النساء)( 69 )

وقراءة المسلمين للقرآن الكريم تتنوع بحسب القراءة التي سيقرأون بها طالما أنها صحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام. فإذا كانوا سيقرأون بقراءة حفص فستجد كل المسلمين الذين يقرأون بهذه القراءة يقرأونها دون اختلاف بينهم. ومن يقرأ برواية روش في أي مكان ستجدهم لا يختلفون في لفظ وقراءة القرآن بنفس هذه الطريقة. مثال آخر للتوضيح في تنوع القراءات. الله يقول: { وما الله بغافل عما تعملون }، وفي قراءة أخرى { وما الله بغافل عما يعملون }. فكان الخطاب للحاضرين بقوله { تعملون } ، وكان الخطاب للغائبين بقوله { يعملون }. ففي كلمة واحد خاطب الله الحاضرين والغائبين بتنوع القراءات. واختلاف المفسرين هو من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، فلن تجد أحدهم يقول الله في السماء، ويقول الثاني الله في الأرض. والمعاني في كل القراءات تكامُلِيَّة وليست تصادميّة.

---------------------------------------

فقال الأخ: الآية قرأها حفص "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ .."، بينما قرأها ورش "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيءٍ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ..". وجه الاعتراض: 1- في قراءة حفص الآية تتحدث عن الأحياء بينما في ورش تتحدث عن الأموات، وبالتالي فإن قراءة ورش خاطئة ومطعون فيها وفي صحتها. إذا المغاربة مخطئون في قرائة كلمت قُتِل والأصح هي قاتل ،فلماذا استكانوا ولم يصححوا لعلمك لا يوجد أي ألف بعد القاف و يقرئونها قُتِل؟؟؟؟؟وشكرا لكم أخ لفاضل.

---------------------------

فرددت عليه قائلا: غير صحيح مرة أخرى !! رواية حفص تتحدث عن جميع الذين قاتلوا مع كل نبي ، والآية تشمل الأحياء والأموات من الذين قاتلوا ! أما قراءة ورش فهي تتحدث عن الذي قُتلوا ، فالصحيح أن الآية تتحدث عن مرحلتين زمنيتين: الأولى: مرحلة القتال. الثانية: مرحلة القتل والشهادة في سبيل الله. وكل قراءة من القراءتين تقصد أحد هذين المعنيين. فأين التضاد في في القراءتين ؟! هذا يُسمّى تكامل المعاني، وهذا إعجاز لم يعرفه أحد قبل نزول القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم، والمغاربة ليسوا مخطئين قطعًا في هذه القراءة، لأن القراءات كلها منقولة بالسند الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وأنا قلت إن الإلف الذي يوضع بعد القاف يوجد في قراءة حفص ، وليس في قراءة ورش.

-------------------------

فقال: بارك الله فيك، ولكن ما أريد أن أستنتجه من مداخلتي هو السؤال التالي وقبل أن أطرحه هوأني وجدت أنك تريد أن تمزج الروايتين فتشرك القاتل مع المقتول كما لو تريد أن تقول أن كلتا الروايتين صحيحة لايوجد إشكال، ورأيت أن حفص بن سليمان قد قال فيه أهل الحديث بما يُرد حديثه ... فكيف قبلوا قراءته ...؟؟ السؤال هوالتالي أي الروايتين نزلت على الرسول وحيا ونطق بها ،روايةحفص أم رواية ورش ؟؟وأن الله تكلم عن القاتل بعينه أو المقتول؟ وأشكرك شكرا جزيلا وجزاك الله خيرا في ماتقدمونه .

--------------------------------

فرددت عليه قائلا: المقتول أي الشهيد أيضا كان حيًّا قبل موته في سبيل الله، فقراءة " قاتل " تشمله أيضًا، ولهذا أثنى الله على الشهداء مرتين، وأثنى على المجاهدين مرة واحدة. وكلتا الروايتين صحيحة لأنها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح. والنبي عليه الصلاة والسلام علمها هكذا للصحابة، والصحابة علموها للتابعين، والتابعون علموها لتابعي التابعين وهكذا نقلها إلينا الثقات بالسند الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقول أخي الكريم: [ ورأيت أن حفص بن سليمان قد قال فيه أهل الحديث بما يُرد حديثه ... ]. ركز في كلامك جيدًا: العلماء ردوا حديثه، لأنه لم يركز على حفظ الحديث، وإنما ركّز كل جهوده على حفظ القرآن وتعلمه وتعليمه للآخرين، فما هي المشكلة ؟! أليس هذا يثبت أن العلماء كانوا منصفين، وأنهم لم يقبلوا أي شيء من أي شخص ؟! هذا الكلام يثبت أن الدين الإسلام دين عظيم، وأخذ علماؤنا القرآن الكريم من أهل الاختصاص بالقرآن الكريم، وأخذ العلماء السنة النبوية من أهل السنة النبوية وحفظها والمختصين بها. ولذلك قال الذهبي: [ حفص بن سليمان .. ثبت في القراءة واهي الحديث] وقال ابن حجر العسقلاني: [ حفص بن سليمان .. متروك الحديث مع إمامته في القراءة ].

..................

تمت بحمد لله

،،،،