طباعة
1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 (18 تقييمات)

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى حول رحمة الرسول الكريم

صلى الله عليه وسلم

شبهة أمر النبي بتحريق بيت سويلم اليهودي

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قالوا كيف تقولون عن نبيكم أنه رسولُ الرحمة وكتب السيرة عندكم تقول أنه حرّق بيت سويلم اليهودي على من فيه؟!!

واستدلوا بما رواه الإمام بن هشام قال:

 

{ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ سُوَيْلِمٍ الْيَهُودِيِّ، وَكَانَ بَيْتُهُ عِنْد جاسوم ، يثبّطون النَّاسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بَيْتَ سُوَيْلِمٍ ، فَفَعَلَ طَلْحَةُ. فَاقْتَحَمَ الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ ، وَاقْتَحَمَ أَصْحَابُهُ، فَأَفْلَتُوا }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

 

أولا: الرواية ضعيفة جداً:

هذه الرواية لا تصح ولا تقوم بها الحُجة لأن في سندها انقطاعاً وجهالةً.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, والصحيح له شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الّذِي يَتّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً}.(2)

 

علل الرواية:

العلة الأولى: ابن هشام قال: حدثني الثقة.

فمن هو هذا الثقة ؟ هل نعرفه لنصدّقَ خَبَرَه ؟

كلا؛ هذه جهالة عين وحال لا نقبلها ، ولو تنازلنا وقلنا أن ابن هشام وثّق شيخه المجهول هذا فشيخ هذا المجهول أيضا مجهول.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا ، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }.(3)

قال الإمام ابْنُ كَثِيرٍ:

{ فَأَمّا الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمّ ، أَوْ من سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فهذا ممن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ }.(4)

العلة الثانية: مُحَمّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ محمد بن طلحة بن عبد الرحمن: صدوق يُخطئ }.(5)

 

ثانيا: تضعيف المحققين للرواية:

قام عددٌ من محققي كتب السيرة النبوية بالتنبيه على ضعف هذه الرواية بسبب العلل المذكورة أعلاه:

{ حادثة إحراق بيت سويلم اليهودي على المنافقين – ضعيف.

رواها ابن هشام في (السيرة) بإسناد فيه مجهولان }.(6)

{ رواه ابن هشام بإسناد منقطع ، فهو ضعيف }.(7)

{ رواه ابن هشام في السيرة بإسناد منقطع }.(8)

 

إسناد آخر للرواية:

قال الإمام ابن أبي عاصم:

{ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بُعِثُوا إِلَى الْمُنَافِقِينَ فِي بَيْتِ سُوَيْلَمٍ: «أَطِيعُونِي وَأَحْرِقُوهُمْ بِالنَّارِ كَمَا أَمْرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» }.(9)

وهذا إسناد ضعيف فيه علل

العلة الأولى: يعقوب بن محمد بن كاسب.

{ يعقوب بن حميد بن كاسب: صدوق ربما وهم }.(10)

{ يعقوب بن حميد بن كاسب: تفرّد بأشياء وله مناكير }.(11)

العلة الثانية: محمد بن طلحة بن عبد الرحمن.

وقد تقدمت ترجمته

العلة الثالثة: مُحَمّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ.

لم يوثّقه إلا ابن حبان فقط والمحققون من علماء الحديث لا يعتمدون توثيق ابن حبان.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ وهذا الذي ذهب إليه بن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه }.(12)

قال الشيخ الألباني:

{ القاعدة الخامسة: عدم الاعتماد على توثيق بن حبان }.(13)

 

ثالثا: السنة الصحيحة تنفي القصة:

لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن التحريق بالنار.

فقد روى البخاري في صحيحه:

{ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَرّقَ قَوْمًا فَبَلَغَ ابْنَ عَبّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِأَنَّ النّبِيَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللّهِ }.(14)

بل لقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن بعض أصحابه أحرق النمل !

فقد روى أبو داود في سننه:

{ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا ».

وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ « مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ ». قُلْنَا نَحْنُ. قَالَ « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ» }.(15)

فَصَلِّ اللهم وسلمْ وباركْ على نهر الرحمة وينبوع الحنان فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم.

ما هذه الرحمة العجيبة التي جعلها الله في قلب هذا الرسول الكريم !!

حتى النمل كان له نصيب من رحمته !!

فهل بعد هذه الرحمة التي تنساب ناعمة متدفقة من بين ثنايا شفتيه الشريفتين يُتَّهّمُ هذا الرحيمُ الشفوقُ الرؤوف الرفيقُ الـحَنُونُ بهذه التهم الفارغة ؟

قليل من العقل والإنصاف يا سادة !

 

رابعاً: من فمك:

ألم تنظروا إلى ما في كتبكم يا قوم من إرهاب وإجرام في حق الإنسانية ؟

{هانذا آمر يقول الرب: وأردَّهم إلى هذه المدينة فيحاربونها ويأخذونها ويحرقونها بالنار وأجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن} إرمياء 34-22

كتابهم يقول أن ربهم أمر بحرق مدينة كاملة !!

ثم يهاجمون نبي الرحمة والرأفة صلى الله عليه وسلم ويتهمونه بالإرهاب بحديث ساقط الإسناد ومتنه يخالف صحيحَ السنةِ.

{ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار.كقول الرب تفعلون.انظروا.قد أوصيتكم} يشوع 8-8

وسوف يكون على الموقع قريبًا إن شاء الله أبحاث كثيرة نحاول فيها جاهدين حصر الأعداد الهائلة من المدن التي تم حرقها بأمر من هذا الرب المزعوم .

 

مراجع البحـث:

(1) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص157 ، ط دار الكتاب العربي- بيروت ، ت: عمر عبد السلام تَدْمُرِي.

(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.

(3) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.

(4) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

(5) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ، ص420 ، ط الرسالة – بيروت ، ت: عادل مرشد.

(6) تخريج أحاديث وآثار كتاب في ظلال القرآن للشيخ علوي السقّاف ص273 ، ص274 ، ط دار الهجرة – الرياض.

(7) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية للدكتور أكرم ضياء العمري ص619 ، ط مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.

(8) موسوعة نضرة النعيم ج1 ص389 ، ط دار الوسيلة جدة ، إشراف صالح بن عبد الله بن حميد ، عبد الرحمن بن محمد بن مَلُّوح.

(9) الآحاد والمثاني للإمام ابن أبي عاصم ج4 ص4 ط دار الراية – الرياض ، ت: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة.

(10) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ص537 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: عادل مرشد.

(11) تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي ج2 ص40 ، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ، ت: زكريا عميرات.

(12) لسان الميزان للإمام بن حجر العسقلاني ج1 ص208 ط مكتب المطبوعات الإسلامية دار البشائر الإسلامية بيروت.

(13) تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص20 ، ط دار الراية – الرياض.

(14) صحيح البُخاري للإمام محمد بن إسماعيل البُخاري ص743 ح3017 ، ط دار بن كثير – بيروت.

(15) سنن أبي داود للإمام أبي داود السجستاني ج4 ص309 ، ط دار الرسالة العالمية ، ت: الشيخ شعيب الأرناؤوط.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه