طباعة
1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 (9 تقييمات)

الرد على مزاعم طه الدليمي حول صحيح البخاري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد زعم الأستاذ طه الدليمي أن صحيح البخاري تعرّض للتحريف على مدار التاريخ محاولًا بذلك أن يرد حديث [ ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ].

فكتبت ردًّا سريعًا عليه تحت مقطعه، ثم رأيت أن أنشر هذا الرد المختصر هنا كي ينتفع به من يبحث عن الحقيقة تجاه هذا الموضوع، فكان مما قلت:

------------------------------------------------------

هذا الكلام باطل ويدل على عدم علم واطلاع ومعرفة بصحيح البخاري وكيفية انتقاله إلينا عبر السنين.
صحيح البخاري سمعه من البخاري شَخْصِيًّا تسعون ألف شخص، وكانوا يكتبون عنه الحديث سماعًا في مجلسه.
تخيل أن تسعين ألف شخص سمعوا أحاديث وروايات صحيح البخاري من البخاري شخصيًّا ، فكيف استطاعت تلك اليد الخفية - التي يتحدث عنه مقدم البرنامج - أن تصل إلى جميع نسخ صحيح البخاري لتقوم بتزويره ؟!
أضف إلى ذلك أن لفظ " الفئة الباغية " مذكور بأسانيد صحيحة في جميع كتب السنة النبوية تقريبًا ، وللحديث شواهد تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، أما الجزء المختلَف فيه، وتكلم عنه العلماء هو زيادة: [ يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ].
وسنفترض جدلًا أن صحيح البخاري تم العبث به، فَكُتُبُ مشايخِ البخاري وطبقتهم ذكرت الحديث أيضًا بسند صحيح !!
جاء في مصنف الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني:
20427 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أخبره قال لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال قتل عمار وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول تقتله الفئة الباغية..]. مصنف عبد الرزاق (11/ 240)
صحيح البخاري لم يتعرض للتحريف كما زعم المتحدث، ولكن الأمر كما قال العلماء: مَنْ جَهِلَ شيئًا عاداه !!
وعدم اطلاع بعض العلماء على جميع النسخ ليس معناه وقوع التحريف، فالإمام البخاري نفسه قام بعمل تعديل في كتابه قبل أن يموت ، ونقل ذلك عنه تلاميذه وطلابُه، بل ذكر لنا الحافظ ابن حجر أن التعديل تم في هذه الرواية !!
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:
[ وَكَذَا ثَبَتَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ قَابَلَهَا عَلَى نُسْخَةِ الْفَرَبْرِيِّ الَّتِي بِخَطِّهِ زِيَادَةٌ تُوَضِّحُ الْمُرَادَ وَتُفْصِحُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى قَتَلَتِهِ وَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ وَلَفْظُهُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ الْحَدِيثَ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ وَقَالَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْهَا أَصْلًا وَكَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، وَلَعَلَّهَا لَمْ تَقَعْ لِلْبُخَارِيِّ، أَوْ وَقَعَتْ فَحَذَفَهَا عَمْدًا. قَالَ وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَهَا عَمْدًا وَذَلِكَ لِنُكْتَةٍ خَفِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُدْرَجَةٌ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي بَيَّنَتْ ذَلِكَ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَمْلِهُمْ لَبِنَةً لَبِنَةً وَفِيهِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا بن سميَّة تقتلك الفئة الباغية ]. فتح الباري (1/ 542).
فربما وقع البيهقي والمِزِّيُّ على نسخة لم تذكر هذه الجزئيَّة من الحديث.
أما الادعاء أن التحريف وصل لآلاف النسخ من صحيح البخاري فهذا الكلام لا يصدقه عاقل فضلًا عن عالم!
ولو فرضنا أن تلك اليد الخفية وصلت بالفعل لجميع نُسَخ صحيح البخاري ، فماذا عن بقية كتب السنة النبوية ؟!
كلام المتحدث يحتاج منه لإعادة النظر والتفكر قبل أن يقول شيئًا ويُحسب عليه أو علينا.

والله المستعان !!