إن وعى الأمة الإسلامية و يقظتها لما يدور حولها من أحداث و صراعات تمس أمنها، وتستهدف هدم كيانها و تحطيم قواها، لا يتشكل من فراغ ولا ينشأ من عدم، بل يضرب بجذوره القوية فى اعماق ذاكرتها الحية النابضة حيث يستلهم عبر التاريخ و عظاته البالغة. 
و إذا كانت محاكم التفتيش فى بلاد الاندلس قد انتهت منذ عقود طويلة مضت، فإنها حفرت ذكرى أليمة فى النفوس و خلفت مأساة مفجعة فى القلوب قدمت الدليل الدامغ على همجية أعداء الإسلام و حقدهم الدفين، لكنها بقيت - و هذا هو الاهم - جرس إنذار للأمة كلها يهتف بها لتستيقط من غفلتها و تنفذ بصيرتها إلى ما وراء الاحداث و ما يدبر فى خلفاء فيما هو ظاهر من صراعات و تدور رحاها فى بلاد المسلمين، فى الجزائر، و أفغانستان، وقبرص، و كشمير، بالإضافة إلى فلسطين، فمع كل هذه الصراعات تتجدد محاكم التفتيش و يتجرع المسلمون مرارتها من جديد، ومن المؤسف أن يبقي ذلك الوضع دون تحرك واضح يبدد ليل الأمة و يحيي فيها بواعث الهمة.