السؤال

زعمت قناة الحياة النصرانية على صفحتها الرسمية أن في القرآن الكريم أخطاء نحوية. 

وهذه هي الصورة التي فيها كذبهم على القرآن الكريم.

Copy

الرد المختصر

لو كان في القرآن خطأ نحوي لاكتشفه مشركو قريش أولا.

لقد نَزَلَ هذا القرآنُ العظيمُ على قَلْبِ رسولنا الطاهر الأمين فِدَاهُ أبي وأمي صلى الله عليه وسلم، وكان يعيش بين المشركين، ويعرفون يوميا ما ينزل الله عليه من آيات الذكر الحكيم.

وهؤلاء المشركون كانوا يفترون على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم الكَذِبَة تلو الكَذِبَة، وكان مشركو قريش جهابذةً في لغة العَرَب يَعْرِفُونَ قواعدها ويتحدثون بها سَلِيقَةً بطلاقة تامة، وهؤلاء المشركون لم يَأْلُوا جهدًا في محاولة تشويه دعوته الشريفة المباركة، ومع ذلك لم يقل أحد منهم أن في القرآن الكريم أخطاء نحوية. 

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه: وبعد: فَقَدْ زعمْتْ قَنَاةُ الْحَيَاةِ النَّصْرَانِيَّةُ عَلَى صَفْحَتِهَا الرَّسْمِيَّةِ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أخطاءً نَحْوِيَّةً. وَهَذِهِ هِي الصُّورَةُ الَّتِي فِيهَا كَذِبُهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.

وَهَذَا هُوَ رَدُّي عَلَيْهِمْ:

نَصُّ الْآيَةَ: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }. (البقرة  124) فأقول وبالله وحده التوفيق:

 

أولا: لو كان في القرآن خطأ نحوي لاكتشفه كفار قريش. 

لقد نَزَلَ هذا القرآنُ العظيمُ على قَلْبِ رسولنا الطاهر الأمين فِدَاهُ أبي وأمي صلى الله عليه وسلم، وكان يعيش بين المشركين، ويعرفون يوميا ما ينزل الله عليه من آيات الذكر الحكيم.

وهؤلاء المشركون كانوا يفترون على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم الكَذِبَة تلو الكَذِبَة، وكان مشركو قريش جهابذةً في لغة العَرَب يَعْرِفُونَ قواعدها ويتحدثون بها سَلِيقَةً بطلاقة تامة، وهؤلاء المشركون لم يَأْلُوا جهدًا في محاولة تشويه دعوته الشريفة المباركة. فمن باب أولى لو كان في القرآن الكريم خطأ أن يسارع مشركو قريش فينكروا على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخطأ ويُعَايِرُونَهُ به.

فلم نسمع أبدا في تاريخ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أن أحد المشركين قال: هذا محمد يلحن في اللغة العربية ! بل على العكس، لقد مدحوا القرآن الكريم بأجمل الألفاظ. فقال أحد أكابرهم وهو الوليد بن المغيرة عن القرآن الكريم: { وَاللهِ، إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلاوَةً وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلا، وَأَنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ }. دلائل النبوة للبيهقي (2/ 198) ط دار الكتب العلمية – بيروت. فكيف صار الحال الآن بالأعاجم  الذين لا يعرفون قبيلا من دبير أن يزعموا وجود خطأ لغوي في القرآن الكريم ؟؟

 

ثانيا: القرآن الكريم هو مصدر قواعد اللغة العربية. 

هل نزل القرآن الكريم قبل تأسيس قواعد اللغة العربية وتقعيد قواعدها أمْ أنَّ ذلك قد حدث بعد نزول القرآن ؟؟

لا خلاف أنَّ قواعد اللغةِ العربية إنما استقاها العلماء وأخذوها من آيات القرآن الكريم الذي نَزَلَ موافقًا للغة العرب. فلو كان هناك خطأ ؛ فسيكون هذا الخطأ في القاعدة التي استنبطها العلماء, ويستحيل أنْ يكون الخطأ في القرآن الكريم بناءً على ما قررناه في أولا.

 

ثالثا: جهل النصارى باللغة العربية و بمعنى كلمة "ينال". 

جهل النصارى الفاضح وراء كل مصيبة يوقعون أنفسهم فيها، فالجهلة لا يفهمون من كلمة ( ينال ) إلا معنى ( يأخذ ) فقط !

وسأضرب أمثلة على عدة معان أخرى لكلمة ( ينال ) حتى يتضح الكلام. حينما نقول: خالد ناله التعبُ الإجهادُ.

فالمعنى المتبادر هو : خالد أصابه التعبُ والإجهادُ.

ولن نقول إن المعنى هو: خالد أخذ التعب والإجهاد. كذلك لا نقول: خالد نَالَ التعب والإجهاد.

وعليه نقول أن قوله تعالى { لا ينال عهدي الظالمين } معناه: لا يصيب عهدي الظالمين.

ويكون الإعراب كالتالي:

ينال: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمةُ الظاهرة.

عهدي: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضَّمَةُ المُقَدَّرَة التي مَنَعَ من ظهورها اشتغالُ المحل بياء المتكلم، والياء ضمير مبني في محل جَرِّ مضافٍ إليه.

الظالمين: مفعول به منصوب على المفعولية ، وعلامة نصبه الياء لأنه جمعُ مذكرٍ سالم.

ومعلوم أن المعنى فرع الإعراب. أي أنك لا تستطيع فهم المعنى الصحيح إلا إذا أعربتَ الآية إعرابًا صحيحًا. ونفس هذا المعنى السابق جاء أيضًا في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ }. فما معنى قوله { سينالهم } هنا ؟ معناه: سيصيبهم. ويكون المعنى: [ إن الذين عبدوا العجل سيصيبهم غضب….]. وكذلك يكون معنى الآية الأولى: [ لا يصيب عهدُ الله الظالمين ].

 

رابعًا: الله عز وجل هو الذي يعطي هذا العهد لمن يشاء. 

الآية فيها فعل وفاعل ومفعول. ومن المعلوم أن الله عز وجل هو الذي يعطي هذا العهد لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء.

فـ”الظالمين” لن يأخذوا العهد من تلقاء أنفسهم، بل الله هو الذي سيعطيهم أو يمنعهم من هذا العهد. لأنه سبحانه هو الذي قال لإبراهيم: { إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَامًا }. فالجَعْلُ والعَطَاء منه سبحانه وتعالى بحسب سياق الآية، فلا يجوز عقلًا أنْ يكون “الظالمين” فاعلًا، وإنما مفعولٌ منصوبٌ وعلامةُ نَصْبِهِ الياء، لأنه جمعُ مُذَكَّرٍ سالم.

وكما قلنا سابقًا إن العرب الذين هم أهل اللغة العربية لم يقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن هناك خطأً في هذه الآية الكريمة، فتخيل معي نصراني جاهلًا في اللغة يريد اكتشاف خطأ في كتاب عربي، في الوقت الذي أجمع فيه أهل اللغة العربية أن هذا الكتاب ليس فيه خطأ لغوي واحد !!

لكن أعتقد أن النصراني – الذي يزعم وجود خطأ في القرآن الكريم – معذور، لأنه يؤمن بكتاب يقول عنه: [ أما الرجل ففارغ عديم الفهم، وكجحش الفراء يولد الإنسان ]. سفر أيوب 11 – 12  

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه